تحركات واشنطن تجاه بغداد: أسوأ من الاحتلال ينتظر العراقيين

قطع الدولار عن العراق يلوح في الأفق كسلاح يفوق في خطورته حتى ذكريات الاحتلال، وفق تحذير يأتي من داخل واشنطن نفسها. انتفاض قنبر، الخبير العراقي المقيم هناك، يرى في تصريحات مبعوث الرئيس ترامب مارك سافايا إشارة إلى ضغط مالي قد يشل الاقتصاد العراقي الهش، خاصة مع اعتماد بغداد كلياً على العملة الأمريكية لتمويل وارداتها ورواتبها. هذا التهديد يعيد رسم خريطة العلاقات بين الطرفين، حيث يصبح الاحتياطي الفيدرالي بوابة حاسمة لكل دولار يصل إلى الخزانة العراقية، مما يثير تساؤلات حول قدرة بغداد على الصمود أمام مثل هذا الإملاء.

كيف يهدد قطع الدولار عن العراق الاستقرار الداخلي؟

في ظل المفاوضات السياسية الملحة لبناء الحكومة الجديدة، يبرز صوت قنبر كتحذير من مخاطر غير مرئية لكنها مدمرة. يصف الضغط المالي الأمريكي بأنه يتجاوز التهديدات العسكرية، إذ يمكن لواشنطن، عبر تشديد القيود على مزاد العملة، أن تعيق تدفق الدولار الذي يغذي الاقتصاد العراقي بالكامل. خلال السنوات الماضية، أدت إجراءات الخزانة الأمريكية إلى استبعاد بنوك عراقية من التعاملات الدولارية بسبب شبهات التهريب وتمويل شبكات إقليمية، مما أثار اضطرابات في الأسواق ورفع أسعار الصرف. هذا النهج يحول الحياة اليومية إلى رهينة لقرارات تصدر من نيويورك، حيث يصعب على بغداد تجاهل ارتباط إيرادات النفط بالاحتياطي الفيدرالي منذ 2003، فالأموال تُودع هناك قبل أي إنفاق، مما يجعل قطع الدولار عن العراق أداة فعالة لفرض تغييرات سياسية دون إطلاق رصاصة واحدة؛ وبالتالي، يتوقع قنبر أن يؤدي ذلك إلى شلل يؤثر على الرواتب والاستيراد الأساسي، مما يعمق التوترات الاجتماعية في بلد يعاني بالفعل من هشاشة اقتصادية.

دور الاحتياطي الفيدرالي في آلية الاقتصاد العراقي

يعتمد النظام المالي العراقي على آلية فريدة تحول عائدات النفط إلى دولارات تُدار عبر الاحتياطي الفيدرالي، مما يجعل الولايات المتحدة شريكاً لا مفر منه في الدورة الاقتصادية. يشرف البنك المركزي على مزادات العملة لتلبية احتياجات الاستيراد، لكن الشبهات حول الفساد والتهريب أدت إلى تدخلات أمريكية متزايدة، مثل حظر بنوك وتشديد التحققات الإلكترونية. هذه الخطوات، التي بدأت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، أدت إلى اضطرابات حقيقية في بغداد، حيث رُفِعَ سعر الدولار في السوق الموازي وتَعَثَّرَت العمليات التجارية. يرى قنبر أن هذا الاعتماد يفتح الباب أمام استخدام قطع الدولار عن العراق كوسيلة للضبط، خاصة مع تراكم مليارات الدولارات المفقودة نحو دول مجاورة، مما يجعل الاقتصاد العراقي عرضة لصدمات سريعة قد تؤدي إلى توقف المشاريع والخدمات الأساسية دون حاجة إلى تدخل عسكري مباشر.

الإجراء الأمريكي التأثير على العراق
استبعاد بنوك من المزاد صعوبة تمويل الاستيراد وارتفاع الأسعار
تشديد التحققات الإلكترونية تأخير التحويلات واضطراب الأسواق
قيود على الاحتياطات ضغط على الموازنة ودفع نحو السوق السوداء

شروط سافايا وخيارات بغداد أمام الضغط

يحمل مبعوث ترامب مارك سافايا رسالة واضحة تركز على توحيد السياسة العراقية، وقف تمويل الفصائل من الأموال العامة، وضبط تهريب الدولار إلى إيران وغيرها، مع ترسيم موقع العراق في التوازن الإقليمي. هذه المطالب، التي تُناقَشَ في الكواليس، تحول الاحتياطي الفيدرالي إلى أداة للتنفيذ، حيث يمكن أن يؤدي رفضها إلى تشديد تدريجي على تدفق الدولار. يحذر قنبر من انتقال الضغط إلى مرحلة عملية، بعيداً عن التحذيرات اللفظية، مما قد يشمل تضييق القنوات المصرفية أو تجميد جزء من الاحتياطات إذا استمرت الازدواجية السياسية في بغداد. أما الخيارات البديلة مثل التوجه نحو الصين أو روسيا، فهي تواجه عقبات عملية، إذ يظل النفط مسعَّراً بالدولار والنظام المصرفي غير جاهز للتغيير الجذري، مما يجعل العراق في موقف ضعيف أمام أي محاولة للانفصال عن هذه الآلية.

  • حرمان بنوك إضافية من التعامل بالدولار، مما يعيق التجارة الخارجية.
  • خفض سقوف التحويلات اليومية، يدفع التجارة نحو الأسواق غير الرسمية.
  • فرض تدقيقات أكثر صرامة على كل عملية، يؤدي إلى تأخيرات طويلة في المدفوعات.
  • التلويح بتجميد احتياطات النفط جزئياً، يضغط على تمويل الموازنة السنوية.
  • ربط الدعم المالي بتغييرات سياسية محددة، يحول الاقتصاد إلى أداة مساومة.

في هذه المناورة الدقيقة بين التحذيرات والوعود بالدعم، يظل السؤال مفتوحاً: هل تستطيع القوى السياسية في بغداد توحيد صفوفها لتجنب سقوط في فخ الضغط المالي، أم سيؤدي التردد إلى أزمة تجعل كل يوم تحدياً جديداً للاقتصاد والاستقرار.