عم راضي يجمع بين الضحك والدفء الإنساني في شخصية مميزة بعسل أسود

لطفي لبيب يُعد من أبرز رموز التمثيل في مصر والوطن العربي، وتاريخه الفني مليء بالأدوار التي تركت بصمة لا تُمحى. شخصية عم راضي في فيلم “عسل أسود” تمثل نموذجًا فريدًا يجمع بين الكوميديا والإنسانية في آنٍ واحد، ما دفع الجمهور للاحتفاظ بها في ذاكرتهم إلى اليوم.

ديانة لطفي لبيب والتسامح في شخصيته الفنية

لطفي لبيب مسيحي قبطي ينتمي إلى عائلة محافظة، وهو ما أعلنه بنفسه في لقاءات عدة دون أن يركز كثيرًا على هويته الدينية. اعتبر دائمًا أن جوهر الإنسان يكمن في أخلاقه وأعماله الفنية، وليس فقط في ديانته؛ مما جعله رمزًا للتسامح والتعايش في الوسط الفني، وعبر عن ذلك بصدق في تجسيده لشخصيات متنوعة تعكس نسيج المجتمع المصري بكل أطيافه.

شخصية عم راضي في فيلم “عسل أسود” ودورها في تعزيز الكوميديا الإنسانية

تُعد شخصية “عم راضي” التي جسدها لطفي لبيب في فيلم “عسل أسود” واحدة من أكثر الشخصيات التي تميزت وذات أثر عميق في السينما المصرية؛ حيث قام بلعب دور السائق البسيط الذي يصاحب البطل في رحلة مليئة بالكوميديا والدراما الإنسانية. أصبح الإفيه الشهير “ارحم أمي العيانة” علامة مميزة تجسد عمق العلاقة بين الشخصية والجمهور. الجدير بالذكر أن الفنان محمد شرف كان من المقرر أن يؤدي هذا الدور، لكن لبيب أبدى موقفًا نبيلًا حيث أصر على أن يحصل شرف على أجره كاملاً رغم استبداله به، مما يعكس أخلاقه العالية وشهامته التي أحبها الجمهور بقدر فنه.

رحلة لطفي لبيب الفنية وتأثيره القوي على المشهد الفني المصري

شارك لطفي لبيب في أكثر من 100 فيلم، بالإضافة إلى العديد من المسلسلات والمسرحيات التي تميز فيها بين الكوميديا والدراما بسلاسة نادرة. كانت له أدوار مميزة في أفلام مثل “السفارة في العمارة” و”مرجان أحمد مرجان”، بجانب مسلسلات مثل “عفاريت عدلي علام” و”الأسطورة”، حيث استطاع بموهبته وصوته المميز أن يترك أثرًا لا يُنسى. كما تجلت إنسانيته في دعمه لفنانين صاعدين، وتألقه في تجسيد شخصيات متنوعة تظهر تعقيدات المجتمع المصري. بجانب التمثيل، كان لطفي لبيب كاتبًا ومفكرًا، كتب العديد من الأعمال التي تعكس خبراته الشخصية وفكره الفني، مثل سيناريو “الكتيبة 26” الذي يوثق تجربته العسكرية خلال حرب أكتوبر.

بدأت معاناة لطفي لبيب الصحية في يوليو 2025، حين دخل المستشفى للعلاج ثم أدخل إلى العناية المركزة بسبب تدهور حالته الصحية؛ حيث أصيب بنزيف حاد في الحنجرة أدى إلى التهاب رئوي حاد أفقده وعيه. رحل عن عالمنا في الساعات الأولى من يوم الأربعاء 31 يوليو 2025 عن عمر ناهز 78 عامًا، مخلفًا ورائه إرثًا فنيًا وإنسانيًا سيظل حيًا في ذاكرة عشاق الفن.

كان ظهور لطفي الأخير في فيلم “أنا وابن خالتي” حيث قدم شخصية بسيطة لكنها تحمل بصمة مميزة، مثل معظم أدواره التي جمعت ببراعة بين البساطة والاحتراف. رحيله خسارة كبيرة للفن المصري، لكنه ترك قاعدة فنية يستند إليها الجيل الجديد، وذكريات وشخصيات خالدة في قلوب الجمهور العربي.